(رشدى ديانة، Lc, MA.)
تمهيد
تشغل قضايا
المرأة فى وقتنا الحاضر، المجتمعات والدول...و الرجال والنساء على حد سواء، وشهد
عصرنا الحاضر قيام الكثير من المنظمات والهيئات التى تهتم بهذه القضايا وتبذل جهدا
كبيرا فى تناولها. ونرى اليوم في عالمنا المعاصر دعوات كثيرة، تطلق على نفسها أنها
تهدف إلى تحرير المرأة، وهذه الدعوات تؤدى فى النهاية إلى عبودية المرأة، لأهوائها
وشهواتها وقيود وظيفتها ورؤساءها. وهذه الدعوات الكثيرة منها "الجندر"
أي العلاقة بين الرجل والمرأة على أنها علاقة صراع إلى تحديد مفاهيم بذاتها
والدعوة إلى القضاء عليها أو رفضها، وذلك بهدف الحد من تأثير الاختلافات
البيولوجية على توزيع الأدوار الأسرية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وبالنتيجة،
نصل إلى فى رفض الاختلافات بين الجنسين.
ومن هنا فمنهج الإسلام يحرص كل الحرص، على
انتشال المرأة من التردي في أغوار سحيقة، نتيجة العبد عن التمسك بالفضيلة،
والاعتصام بحبل الله المتين، ومنهاجه القويم. ويتميز المنهج الإسلامي بالأصالة
الدينية التي تتفق مع التططورات العصرية، حيث يؤكد على أهمية دور المرأة فى
الحياة، وضرورة مشاركتها الإجابية، ليكون لها دور بناء يتفق مع مكانتها. فإن تلك
المشاركة الإيجابية يجب ألا تجعلها تغفل عن حقيقتها كامرأة يفيض قلبها بالرحمة،
لأنها خلقت للعطاء الذي يتمثل في أسمى صوره فى دور الأموية للمرأة، فهي رحم الأمة،
وهي ينبوع الحب والإيثار والعواطف السامية، ويوم أن تنسى المرأة تلك المعاني
النورانية، فإنها تدفع بنفسها فى خضم المادية، فتشقي، وتشقي معها البشرية كلها.
التعامل مع المرأة: أزمة المرجعية
خير ما نفتتح به هذا العرض الآية الكريمة التي يقول فيها الله عزّ وجل: $pkr'¯»t â¨$¨Z9$# $¯RÎ) /ä3»oYø)n=yz `ÏiB 9x.s 4Ós\Ré&ur öNä3»oYù=yèy_ur $\/qãèä© @ͬ!$t7s%ur (#þqèùu$yètGÏ9 4 ¨bÎ) ö/ä3tBtò2r& yYÏã «!$# öNä39s)ø?r& 4 ¨bÎ) ©!$# îLìÎ=tã ×Î7yz .[1] وهي الآية التي
تشرح أبعاد النظرة الإلهية للعلاقات الإنسانية بشكل عام، ومن خلالها يتضح
أن:
-
إن مسؤولية بناء المجتمع الإسلامي العالمي تقع على عاتق الرجل والمرأة على
السواء.
-
خلق الله تعالى آدم وحواء وجعل من ذريّتهما الشعوب والقبائل والأجناس
والألوان، فالناس كلهم إخوة، ولذالك فلابدَّ لجسور والتواصل من أن يبقى قائمة
بينهم، فلا تفاضل بين لون وآخر، أو عرق وآخر، بل مساواة بين الجميع أمام الله
تعالى.
-
عند تأملنا لطبيعة الخطاب السائد حول موضوع المرأة, سواء في الوطن العربي
والعالم الإسلامي، أو في الغرب, سواء قبل أو بعد تاريخ 11 سبتمبر 2001, مادام هذا
التاريخ يؤرخ عند بعض الباحثين في منعرج عالمي في التعامل مع العديد من القضايا
المصيرية عند المسلمين، من قبيل ملفات الإصلاح والديمقراطية أو قضايا حقوق الإنسان
و معها حقوق المرأة، أو كان هذا الخطاب يعود للقرون الوسطي أو للحقبة النبوية عند
المسلمين, أو للحقبة ما بعد الحداثة في الغرب... إلخ. نقول، عند تأملنا في طبيعة
هذا الخطاب، هناك شيء واحد من وجهة نظرنا يفصل بين طبيعة ما يمكن أن يصدر عن محرري
هذا الخطاب، سواء كانوا مؤمنين (مسلمين أو مسيحيين أو يهود)، أو مؤمنين ولكن
علمانيين، أو حداثيين يدهون إلى موت الإله أو ملحدين...إلخ، ما يجمع ويفرق بين
ثنايا هذه الخطابات هو المرجعية: إنها أهم القضايا الغائبة في ثنايا هذا الخطاب.
-
ألم تكن أزمة المرجعية السبب الرئيسي وراء الخلافات التي أثيرت في مؤتمر
"المرأة الدولي الرابع" الذي عُقد في بكين عام 1995 أو في مؤتمر
القاهرة, وغيرها من المؤتمرات العالمية التي تتعرض وتعالج واقع المرأة في ربوع
العالم بأسره.
-
ألم تكن أزمة المرجعية السبب الرئيسي الذي يقف وراء تحالف أصوات مسلمة
وأصوات مسيحية في هذه المؤتمرات، وذلك احتجاجا على العديد من البنود الختامي التي
اعتبروها مخالفة لصحيح نصوص دينية مؤسسة لمكانة المرأة.
-
ألا يحتم علينا سؤال المرجعية أن نحدد أي مرجعية ننطلق منها، مرجعية الله
عزّ وجلّ أم مرجعية أخرى، لن تخرج في الغالب عن مرجعية الإنسان: إن قصة العجز عن
رعاية الإنسان لحقوق العدالة الإنسانية الشاملة، عندما يستأثر هو بحق التشريع
ورعاية حقوق الإنسان، ليست جديدة، بل هى قديمة قدم الإنسان الذي ركبت فيه نوازع
الأنانية وحب الذات، ومنها انبثقت الحاجة إلى أن يتدارك الله الأسرة الإنسانية
بانظام الذي يجب أن تخضع له الشرعة التي يجب أن تستسلم لسلطانها, وهى تلك هى
الحكمة العظمي لضرورة الدين الحق، كما أشار إلى ذلك فضيلة الشيخ محمد سعيد رمضان
البوطي.[2]
نعتقد أنه لا بد من الاتفاق على أرضية صارمة في النقاش أو مقدمات متفق
عليها سلفا حتى نساهم عمليا في تقريب وجهات نظر وقطع الطريق على ذرائع التدخل
الأجنبي الذي لم يعد له سوى أن يتدخل في الآيات القرآنية المفروض أن تدرس في
المناهج الدراسية.
المرأة بين النظرة
الإسلامية والنظرة المادية
سوف نستعرض
وجهات تأسيسية لموضوع المرأة إنطلاقا من المرجعية والإسلامية ونظريتها المادية،
ونأخذ كنموذج هنا المرجعية النسوية المؤسسة على منظومة "الجندر".
المرأة من منظور
"الجندر".
تؤسس فلسفة
"الجندر" العلاقة بين الرجل والمرأة على أنها علاقة صراع إلى تحديد
مفاهيم بذاتها والدعوة إلى القضاء عليها أو رفضها، وذلك بهدف الحد من تأثير
الاخلافات البيولوجية على توزيع الأدوار الأسرية والاجتماعية والثقافية والسياسة،
وبالنتيجة، نصل إلى فى رفض الاختلافات بين الجنسين.
ونقرأ فى
إحدى الأدبيات المرجعية لفلسفة "الجندر" أن الشبات الرادكليات قد اعتبرن
الأسرة على أنها مصدر أساسي لاضطهاد النساء، بينما الأسرة لدى "الجندر"
لاتقوم فقط بتعبيد النساء بل إنها اجتماعيا تعيد تنشئة الأطفال حتى يوافقوا على
استمرارية الأسرة و الزواج واعتبار الأموية كوظيفة طبيعية. وبرأي إحدى الباحثات،
انطلاقا من هذه الأرضية، يصبح الزواج و الإنجاب والأموية ورعاية الأطفال والعلمل
تلمنزلي مفردات حياة مرفوضة لدى الجندر، لأنها تخص البعد البيولوجي من حياة المرأة
وتقابلها أدوار و وظائف مغايرة للآخر الرجل، ولكي يتحقق التماثل الحققي بين الرجال
و النساء لابد من رفض المرأة للأدوار والوظائف الممرتبطة بإطار الأسرة والحياة
الزوجية، وكان البديل الذى طرحنه هو الذهاب الى الحياة الجنسية الحر او الممارسات الجنسية الشاذة بدل الزواج،
وتركن الإنجاب ودعن للإنجاب الصناعى ورعاية الأطفال، وقد امتدت الأمور فى هذا
الصدد إلى حد المطالبة بالقضاء على الاختلاف بين الجنسين من خلال إجبار الرجل كي
يحتملوا نصف عمل المنزل ونصف مسئولية رعاية الأطفال، وإذا وضعت الأطفال فى الحضنات
يجب أن يكون نصف المربيات من الرجال.[3]
والحال أنه
من أهداف حركة المساواة بين الجنسين كما يراها المجتمع الغربي ليست بالضرورة بذات
موضوع لدى الثقافة ومن ثم لايمكن تصديرها إلى أي من هذه الثقافات. فالصورة الغربية
لحركة المساواة بين الجنسين التى نشأت فى إنجلنزا إبان القرن الثامن عشر كان من
بين أهدافها الرئيسية التخلص من صور اللاأهلية القانونية التى فرضها القانون
الإنجلزي العام على النساء التى استمت بالتمييز ضد النساء المتزوجات واستقاها
واضعوها من مصادر لها من الإنجيل وفى قوانين الإقطاع. لو لا أن شعار واستراتيجية
"الجندر" تجاوز هذه المنطلقات وكذلك المطالبة بالمساوة بين الرجال
والنساء إلى المطالبة بتحقيق التماثل بينهما فى الخصائص والوظائف والحقوق
والواجبات، وذلك من خلال إعادة صياغة القوانين والهياكل والأبنية الاجتماعية وبما
يتلاءم مع رأيتهن. وأخيرا، وحتى نبرز دور المرجعية فى التعامل مع موضوع المرأة،
وجب التنبيه إلى أن حركة المساواة فى الغرب تتعامل مع الدين باعتباره من أهم أعدء
تقدمها، فى حين أن الأمر معكوس عند النساء المسلمات اللواتى يرون فى تعاليم
الإسلام أوفى سند ويعتبرن ماجاء من وصايا فى القرآن وفى قدوة النبي محمد (صلى الله
عليه وسلم) نموذجا مثاليا تنى أي امرأة معاصرة أن تعود إليه.
المرأة من المنظور
الإسلامي:
قبل
الاستشهاد بنصوص قرآنية ونبوية صحيحة حول مكانة المرأة فى الإسلام، جدير بالتذكير
فقط على أن المرأة فى التاريخ الإسلامي أصبحت مصدرا للأحاديث النبوية الشريفة،
ومرجعا لنشر روايتها ونصوصها، تماما كالرجال من الصحابة الراوين لأحاديث السنة
الشريفة، وكتب الحديث مليئة بالأحاديث الواردة عن طريق زوجات رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وقد ألف بدر الدين الزركشى كتابا بعنوان " الإباحة لإيراد ما
استدركته عائشة على الصحابة، أحصى فيه استدراكاتها على تسع وخمسين مسألة، عارضت
فيها ثلاثة وعشرين من أعلام الصحابة.
هذا على
صعيد الواقع، أما على صعيد النصوص المؤسسة، وكما تشير إلى ذلك إحدى الاجتهادات،
فإن المرأة كانت مخاطبة بالدين كالرجل تماما، فالدين يخاطب الإنسان بقسميه الذكر
والأنثى على حد سواء، وهو ليس للذكر أولا وللأنثى ثانيا، ولا أن المرأة مخاطبة عبر
الرجل بالتبع له، بل هي مكلفة مباشرة من قبل الله تعالى ومحاسبة أمامه يوم القيامة
كما هو الرجل. وحيناما يأتى فى القرآن نداء للناس، او لبنى آدم، أو للعباد، أو
للإنسان فإنه موجه بالطبع للذكور والإناث، كقوله تعالى:" $ygr'¯»t â¨$¨Z9$# (#qà)®?$# öNà6/u 4 cÎ) s's!tø9y Ïptã$¡¡9$# íäóÓx« ÒOÏàtã"،[4] وقوله
تعالى:" ö@è% yÏ$t7Ïè»t tûïÏ%©!$# (#qèùuó r& #n?tã öNÎgÅ¡àÿRr& w (#qäÜuZø)s? `ÏB ÏpuH÷q§ «!$# 4 ¨bÎ) ©!$# ãÏÿøót z>qçR%!$# $·èÏHsd 4 ¼çm¯RÎ) uqèd âqàÿtóø9$# ãLìÏm§9$#",[5]
وقوله
تعالى:" óOs9r& ôygôãr& öNä3ös9Î) ûÓÍ_t6»t tPy#uä cr& w (#rßç7÷ès? z`»sÜø¤±9$# ( ¼çm¯RÎ) ö/ä3s9 Arßtã ×ûüÎ7B ",[6] وقوله
تعالى:" $ygr'¯»t ß`»|¡RM}$# y7¨RÎ) îyÏ%x. 4n<Î) y7În/u %[nôx. ÏmÉ)»n=ßJsù".[7] إن هذه
الآيات وأمثالها نداءات من قبل الله تعالى للرجل والمرأة، وكذلك فالتكاليف
والأحكام الشرعية موجهة لهما معا. وباعتبارها مخاطبة ومكلفة فهي معنية بتلقي
الخطاب وفهمه، وبمعرفة التكليف وتبينه.[8]
ويتضح مما
سبق أن الإسلام يدعو إلى مساواة كاملة بين المرأة والرجال أمام الله فى الواجبات
والحقوق، فى الحساب والحقوق. فالقرآن يقول ذلك والسنة تقول ذلك، إنها مساواة كاملة
فى المجتمع مع مراعاة اختلاف الأدوار بين الرأة والرجل نتيجة الطبيعة الفيسولوجية
للمرأة، والطبيعة النفسية. ليبقى الأصل هو المساواة الكاملة.
لقد جاء
الإسلام منقدا للمرأة من الظلم الفادح الذى تعرضت له ولا تزال من مختلف الحضارات
القديمة منها والحديثة والتى جعلت من المرأة تابعا للرجل وأداة متعة وتسلية له،
وأداة تسويق وتجارة، ونستشهد هنا القراءات التفكيكي الصلبة التى قام بها المفكر
الكبير عبد الوهاب المسيري للفلسفة المادية التى تروم تفكيك الإنسان كما جاء فى
أحد عناوين مؤلفاته، حيث يرى بأن الإنسان الجسانى الاستهلاكى المنشغل بتحقيق متعته
الشخصية يدور فى دائرة ضيقة لللغاية خارج أي منظومات قيمية اجتماعية أو أخلاقية_
ولهذا تحدثنا فى افتتاح هذه الورقة على أزمة المرجعية_ ولذا، يضيف المسيري، نجد أن
ولاء الإنسان للمجتمع وللأسرة تتآكل بالتدريج، كما أن انتماء مثل هذا الشخص لوطنه
ضعيف للغاية إن لم يكن منعدما. بل إن بعض دعاة ما بعد الحداثة ورفض المرجعيات يرون
أن جسد المرأة، هو مرجعية ذاته، ولذا فهو تحد للعالم الثابت الذى له مركز ويمكن
إدراكه عقليا.[9]
هذا صلب أزمة الفلسفة المادية فى الغرب عموما، وفى أي مجال جغرافى يبحث عن مرجعيات
تنويرية من خارج المرجعية الدينية والأخلاقية الإنسانية.
وفى معرض
تكفيك المسيري لظاهرة "الفيديوكليب" التى اختزلت المرأة (وهي نصف
المجتمع) فى أجساد ومادة استهلاكية للبيع والشراء على الهواء مباشرة، يرى هذا
الفكر الفذ أنه اذا كان الرقص البلدى يهدف للإثارة الجنسية بشكل واضح وصريح، فإننا
لم نكن نراه إلا فى الأفلام وفى الأفراح، فهو جزء من عالم العوالم، أي أننا نكن
نعرفه بوصفه جزءا من عالم مستقل عن عالمنا، قد نتمتع به وقد نرفضه، ولكن فى كلتا
الحالتين هو ليس جزاء من عالمنا، وما تفعل الفيديو كليات هو عكس ذلك تماما، وتحاول
إجازته من خلال عشرات الرقصات، ولكن الأهم من كل هذا هو أنها تؤسس لعلمية تطبيع
الرقص والإثارة، على اعتبار أن الرقص يقدم فى الفيديوكليب على أنه جزء من صميم
حياته العادية اليومية، وبدل أن تذهب إلى الكباريهات جاءت هي الينا.
ليس شاذا
غريبا أن ينتقل جسد المرأة اليوم خصوصية لها الى مقتضيات التواعظيف فى عالم المال،
حيث إن قطاع الإنتاج يتعامل مع المرأة كجسد بلاعقل وروح، وشترط جمال الهيئة
والمؤهلات الجسدية فى التعامل مع الزبور فى شركات الطيران والسكرتارية ومندوبات
المبيعات وغير ذلك فيكون الجسد هو آدة التةاصل بين المالك والزبور. هذا ما تشيعه
الفلسفة الغربية فى واقعها الميداني، والذى ينبغى علينا كمسلمين أن نعرف أن قطار
الإنسياق مع الثقافة الغربية سيؤدى بنا إلى نهايات مدمرة على المستوى الاجتماعي
والأسري.
لقد جاء
الإسلام وهو خاتم للأديان كرسالة لإنقاذ البشرية وتحريرها من القيود والأثقال التى
أرهقتها قرون طوال، بسبب التخلف والجهل والاستبداد. ثم إن نظرة الإسلام الى المرأة
تتجاوز حدود زمان او مكان معين فهي نظرة شمولية واقعية. فالمشرع هو الخالق الرءوف
الرحيم، وهو العالم والحكيم، وقد تصل مداركنا العقلية إلى فهم الحكمة من تشريعاته،
وقد لا تصل إلى شيء من تلك الحكمة. إلا إن ميثاق العلاقة بين الرب وعباده قائمة
على أن من تشريع إلا وله حكمة عالية ولمصلحة البشر أنفسهم. كما أن الإسلام جعل
تشريعاته الخاصة بالمرأة ضمن منظومة متكاملة من التشريعات التى لها ارتباط بالأسرة
وحمايتها، وحماية المجتمع وارتقائه. فلا يمكن النظر إلى جانب معين من التشريع
وتناسي جانب آخر.
نقد الاعتراض على خطاب
طمأنة الذات الإسلامية
على أن
هناك اعتراض وجيه يمكن أن يوجه ضد هذا الخطاب، أي الخطاب الذى تحدث عن كون الإسلام
" يدعو إلى مساواة كاملة بين المرأة والرجال أمام الله فى الواجبات والحقوق،
فى الحساب والعقاب، أو كون "نظرة الإسلام الى المرأة تتجاوز حدود زمان أو
مكان معين، فهي نظرة شمولية واقعية"، وقد يصدر هذا الاعتراض على قائل من
الدخل، أي من الوطن العربي والعالم الإسلامي أو من الخارج أي من دولة غربية،
ومفاده أن واقع هذه النصوص الدينية المؤسسة التى جاءت فى القرآن الكريم والسنة
النبوية الصحيحة، أو أبعد عن جوهر هذه النصوص المؤسسة، وهو اعترض يلقى الكثير من
القبول حتى بين أبناء الذات لعربية الإسلامية، وهو اعترض مردود عليه، لأن الأصل
عند المسلمين هو النص القرآني و النبوي الصحيح، وهناك إجماع من قبل علماء الأمة،
بل هناك إقرار حتى من مفكرين وأكاديميين و إعلاميين من خارج الرقعة المسلمة، على
أن النص القرآني والنص النبوي الصحيح أكرم المرأة، لايوجد تكريم لها أفضل مما جاء
فى هذه النصوص المؤسسة. وإذا كان وضع المرأة المسلمة فى الدول المسلمة لايرقى إلى
ما نصت عليه هذه النصوص، فإنها أزمة تطبيق وليست أزمة نص ديني مؤسس.
ثم إننا
لانطمئن ذواتنا، ولكن أيضا لانريد و لن ننتظر ما يقوله برنارد لويس أو أوريانا
فالاتشي أو ميشيل هوليبيك حتى نفقه واقعا ومعه واقع المرأة فى الوطن العربية و
العالم الإسلامي.
إن من أكبر
أزمات مسلمي اليوم لاتمكن فى النص الديني المؤسس، وإنما فى ترجمة هذا النص واسقاطه
على الواقع، وقد سبق لفقهاء ومشاييخ كبار أن أثاروا هذه الملاحظة لدى اطلاعهم
وتأملهم لواقع الأمة، وقد تكون مقولة: "وجده الإسلاما بدون مسلمين (فى الغرب)
ولدينا مسلمون بدةن إسلام"، كما صدرت عن الشيخ محمد عبده منذ ما يقرب القرن
من الزمان، أهم رد على هذه الاعتراضات.
وحتى لا
نعمم النقاش ونتيه فى كثرة التفصيل، ونركز فقط على موضوع المرأة، فبرأي إحدى
الباحثات، فقد "اعتبر سلفيو القن التاسع عشر واوائل القرن العشرين أن الإسلام
كدين، وطريقة لتنظيم الحياة الزوجية، لايتعارض بتتا مع حق المرأة فى التعليم
والعمل والمساهمة فى الحياة اليومية العامة. وقد مثل هذا الموقف فى الشرقى رفاعة
الطهطاوي والكواكبى وفارس الشدياق وعلال الفاسى بالمغرب. وما والت هناك امتدادات
لهذا التيار من العلماء الذين يحاولون الاعتماد على القرآن والسنة لتأسيس علاقة
تساو بين الجنسين.[10]
إننا سنسقط
فى تناقص مفاهيمي فظيع إذا ألمحنا أو أقررنا بشكل أو بآخر على أن خير الخلق صلى
الله عليه وسلم أتى ليتمم مكارم الأخلاق، وقد أتى أيضا بنصوص تحط من كرامة المرأة
د، ونحسب، كما يشير إلى ذلك الشيخ سعيد رمضان البوطي، أن القراءة الموضوعية لواقع
المرأة فى المجتمعات الغربية و واقعها فى ظل النظم الإسلامية، لابد أن تثمر قناعة
تامة بأن الشريعة الإسلامية كانت ولازالت هي الحفية بالمرأة، الراعية لحقها،
الحارسة لكرامتها، المحتفظة على أنوثتها.[11]
فياعجبا للإنسان الذى يرى أضعاف العناية والألطاف الإلهية به من خلال النظام
التكويني الذى أقامه الله فى خدمته، كيف يمكن أن يتصور بأن الإله الذي اسعد
الإنسان بنظامه الكوني كيف يمكن أن يشقيه من خلال نظامه التشريعي.
الإختتام
ولقد
رأينا_عبر وصفية وبيانات هذه المقالة المتواضعة_ كيف أشرقت صفحة الموقف الإسلامي
من المرأة...وكيف وضحت معالم التحرير الإسلامي للنساء. و كون الإسلام يدعو إلى
مساواة كاملة بين المرأة والرجال أمام الله فى الواجبات والحقوق، فى الحساب
والعقاب، أو كون نظرة الإسلام إلى المرأة تتجاوز حدود زمان أو مكان معين، فهي نظرة
شمولية واقعية، والدعوات التى قام بها الغربيون بمنهجهم المادية تؤدى فى النهاية إلى عبودية المرأة، لأهوائها
وشهواتها وقيود وظيفتها ورؤساءها. والله أعلم
المراجع
العربية
القرآن
الكريم
البوطي, محمد سعيد رمضان. 1998. الله أم الإنسان؛
أيهما أقدر على رعاية حقوق الإنسان. الطبعة الأولى. دمشق: دار الفكر.
المسيري,
عبد الوهاب.2002. الفلسفة
المادية وتكفيك الإنسان. القاهرة: دار الشروق.
بشاري, محمد. 2010. التناول المفاهيمي لواقع المرأة. (مقالة في مؤتمر الإسلامي فى اليمن).
النبراوي,
جديجة. 2009. المرأة المسلمة ودورها في النهضة الحضارة. رابطة الجامعات
الإسلامية.
عمارة،
محمد. 2008. في التحرير الإسلامي للمرأة. مصر: طباعة والنشر والتوزيع.
______.
2008. شبهات واجابات حول مكانة المرأة في الإسلام. مصر: طباعة والنشر
والتوزيع.
زهيل،
وهبة. الفقه الإسلامي وأدلته
الشعرو،
متولي. المرأة في القرآن الكريم
الزعيلاوي,
محمد السيد محمد. الأمومة في القرآن الكريم والسنة النبوية
الأبرشي،
محمد عطية. مكانة المرأة في الإسلام
الجبري،
عبد المتعال محمد. المرأة في التصور الإسلامي
المولاوي,
فيصل. عملية مسلمة
مجلة منار
الإسلام. صفر 1419هـ/ يوني 1998م
المراجع الإنجليزية
Oleary, Dale. 1995. Gender the
Deconsturction of Women (Analysis of the Gender Perspective in the Preparation
for the Fourth World Conference), Beijing.
المراجع من
الشبكة الإكترونية (الإنترنيت)
http://www. Khyma.com/alhkikh/arab/eba7ia/vedio.htm
[2] يراجع المبحث الهام لفضيلة الشيخ
محمد سعيد رمضان البوطي وعنوانه: "الله أم الإنسان؛ أيهما أقدر على رعاية
حقوق الإنسان". دار الفكر. دمشق. الطبعة الأولى. 1998
[3] Dale Oleary, (1995), Gender the Deconsturction of Women
(Analysis of the Gender Perspective in the Preparation for the Fourth World
Conference), Beijing.
[9]
أنظر
على الخصوص كتاب " الفلسفة المادية وتكفيك الإنسان". عبد الوهاب
المسيري، والمصادر عن دار الشروق. القاهرة. وانظر ايضا المبحث المرجعي لنفس المؤلف
حول موضوع "الفيديو كليب والجسد والعوملة". والمنشور فى الموقع
الإلكترونية:
[11] محمد سعيد، رمضان البوطى، المرأة بين طغيان
النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، دار الفكر، دمشق، سورية، محمرم 1423/ 2002
م
Tidak ada komentar:
Posting Komentar